الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي للفتاوي ***
مسألة: تكبيرة آخر وقت العصر وجبت مع الظهر لأنها تجمع معها وهو مشكل لأن الجمع رخصة فلا يقاس عليها. الجواب: هذا من باب النوع المسمى في الأصول بقياس العكس. مسألة: المجنون هل يجوز له قضاء ما فاته - إذا أفاق - من صلاة وصوم أم يستحب أم يكره. الجواب: القضاء للمجنون مستحب ذكره في المهمات
مسألة: الكافر إذا أسلم وأراد أن يقضي ما فاته في زمن الكفر من صلاة وصوم وزكاة هل له ذلك وهل ثبت أن أحدا من الصحابة فعل ذلك حين أسلم. الجواب: نعم له ذلك، وذلك مأخوذ من كلام الأصحاب إجمالا وتفصيلا أما الإجمال فقال النووي في شرح المهذب اتفق أصحابنا في كتب الفروع على أن الكافر الأصلي لا تجب عليه الصلاة والزكاة والصوم والحج وغيرها من فروع الإسلام، ومرادهم أنهم لا يطالبون بها في الدنيا مع كفرهم وإذا أسلم أحدهم لم يلزمه قضاء الماضي فاقتصر على نفي اللزوم فيبقى الجواز، وعبارة المهذب فإذا أسلم لم يخاطب بقضائها لقوله تعالى (قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف) ولأن في إيجاب ذلك عليهم تنفيرا فعفى عنه فاقتصر على نفي الإيجاب فيبقى الجواز أو الاستحباب، وأما التفصيل فإن الفقهاء قد قرنوا في كتاب الصلاة بين الكافر والصبي والمجنون والمغمى عليه والحائض في عدم وجوب الصلاة، ونص بعضهم على أن الصبي إذا بلغ وقد فاتته صلاة يسن له قضاؤها ولا تجب عليه، وأن المجنون والمغمى عليه يستحب لهما قضاء الصلاة الفائتة في زمن الجنون والإغماء - كذا نقله الأسنوي عن البحر للروياني، ونقل عنه وعن شرح الوسيط للعجلي أن الحائض يكره لها القضاء. فهذه فروع منقولة والكافر في معنى ذلك فيجوز له القضاء إن لم يصل الأمر إلى درجة الاستحباب ولا يمكن القول بالتحريم بل ولا بالكراهة، ويفارق الحائض فإن ترك الصلاة للحائض عزيمة وبسبب ليست متعدية به والقضاء لها بدعة، ولهذا قالت عائشة لمن سألتها عن ذلك أحرورية أنت، وقد انعقد الإجماع على عدم وجوب الصلاة عليها، وترك الصلاة للكافر بسبب هو متعد به وإسقاط القضاء عنه من باب الرخصة مع قول الأكثرين بوجوبها عليه حال الكفر وعقوبته عليها في الآخرة كما تقرر في الأصول. فاتضح بهذا الفرق بينه وبين الحائض حيث يكره لها القضاء ولا يكره له بل يجوز أو يندب، ويقاس بصلاة الكافر جميع فروع الشريعة من زكاة وصوم، هذا ما أخذته من نصوص المذهب، وأما الأدلة فوردت أحاديث يستنبط منها جواز ذلك بل ندبه: منها ما أخرجه الأئمة الستة وغيرهم عن عمر بن الخطاب أنه قال يا رسول الله إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام قال أوف بنذرك قال النووي في شرح مسلم من قال إن نذر الكافر لا يصح وهم جمهور أصحابنا حملوا الحديث على الاستحباب أي يستحب لك أن تفعل الآن مثل الذي نذرته في الجاهلية انتهى. وفي هذا دلالة على أن الكافر يستحب له أن يتدارك القرب التي لو فعلها في حال كفره لم تصح منه ولو كان مسلما لزمته، وهذه دلالة ظاهرة لا شبهة فيها، وقال الخطابي في معالم السنن في هذا الحديث دلالة على أن الكفار مخاطبون بالفرائض مأمورون بالطاعة، وقال القمولي من متأخري أصحابنا في الجواهر إذا نذر الكافر لم يصح نذره لكن يندب له الوفاء إذا أسلم فلو نذر اليهودي أو النصراني صلاة أو صوما ثم أسلم استحب له الوفاء ويفعل صلاة شرعنا وصوم شرعنا لا صلاة شرعه وصومه - هذا كلام القمولي، وقال ابن دقيق العيد في شرح العمدة استدل بهذا الحديث من يرى صحة النذر من الكافر وهو قول أو وجه في مذهب الشافعي والأظهر أنه لا يصح لأن النذر قربة والكافر ليس من أهل القرب، ومن يقول بهذا احتاج إلى أن يأول الحديث بأنه أمر أن يأتي باعتكاف يوم يشبه ما نذر فأطلق عليه أنه منذور لشبهه بالنذر وقيامه مقامه في فعل ما نواه من الطاعة، وعلى هذا يكون قوله أوف بنذرك من مجاز الحذف أو مجاز التشبيه، ومنها ما أخرجه مسلم عن حكيم بن حزام قال قلت يا رسول الله أشياء كنت أفعلها في الجاهلية 0يعني أتبرر بها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أسلمت على ما سلف من الخير قلت فو الله لا أدع شيئا منعته في الجاهلية إلا فعلت في الإسلام مثله. قلت هذا الحديث يؤخذ منه بدلالة الإشارة استدراك ما فات في الجاهلية فإنه لما صدر منه ما صدر من القربات في الجاهلية كأنه لم يرها تامة لفقد وصف الإسلام فأعاد فعلها في الإسلام استدراكا لما فات من وصف التمام، واخرج الحاكم في المستدرك عن هشام عن أبيه قال اعتق حكيم مائة رقبة وحمل على مائة بعير في الجاهلية فلما أسلم اعتق مائة وحمل على مائة بعير، هذا الحديث فيه التصريح بوفائه بما وعد به. ومنها ما روى أن أبا سفيان لما أسلم قال يا رسول الله لا أترك موقفا قاتلت فيه المسلمين إلا قاتلت مثله الكفار ولا درهما أنفقته في الصد عن سبيل الله إلا أنفقت مثله في سبيل الله، هذا الحديث صريح بمنطوقه في استدراك تكفير ما مضى في الكفر من فعل المناهي وهو غير لازم فيحمل على الندب ويؤخذ من فحواه استحباب استدراك ما مضى في الكفر من ترك الأوامر، وأخرج الحاكم في المستدرك وصححه عن عكرمة بن أبي جهل قال قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم جئت مرحبا بالراكب المهاجر مرحبا بالراكب المهاجر فقلت والله يا رسول الله لا أدع نفقة أنفقتها إلا أنفقت مثلها في سبيل الله، هذا أيضا من استدراك تكفير ما مضى من فعل المنهيات في حال الكفر.
مسألة: فيما رواه مسلم عن النواس بن سمعان قال ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجال إلى أن قال قلنا يا رسول الله وما لبثه في الأرض قال (أربعون يوما يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة وسائر أيامه كأيامكم) قلنا يا رسول الله فذلك اليوم الذي كسنة تكفينا فيه صلاة يوم قال لا اقدروا له، وفي حديث آخر نقله القرطبي في التذكرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أيامه أربعون سنة السنة كنصف السنة والسنة كالشهر والشهر كالجمعة وآخر أيامه كالشررة يصبح أحدكم على باب المدينة فلا يبلغ بابها الآخر حتى يمسي فقيل يا رسول الله كيف نصلى في تلك الأيام القصار قال (تقدرون فيها الصلاة كما تقدرونها في هذه الأيام الطوال ثم صلوا) وفي حديث آخر عن أسماء بنت يزيد بن السكن قال النبي صلى الله عليه وسلم يمكث الدجال في الأرض أربعين سنة السنة كالشهر والشهر كالجمعة والجمعة كاليوم واليوم كاضطرام السعفة في النار فهل هذه الأحاديث كلها متساوية في الصحة أم لا وهل بينها تناف أم لا وهل ليالي تلك الأيام كلها على حالة واحدة كليالينا هذه أم تتبع كل ليلة يومها في الطول وغيره وما كيفية التقدير في القصر هل هو مثلا إذا كان اليوم ثلاثة درج فتكون حصة الصبح درجة والظهر كذلك والعصر كذلك أم لا وهل صلاة المغرب والعشاء يجري عليهما حكم القصر أم لا لأنهما ليستا في النهار المتصف بتلك الصفات وإذا لم يسع الوقت المقسط تلك الصلاة فهل تجب عليه ثم يقضيها وما كيفية إقامة الجمعة في هذا اليوم القصير وما طريق حساب مدة مسح الخف وما كيفية الصوم وكذا سائر الأحكام المتعلقة بالأيام وهل الزيادة في الطول كما في الحديث الأول مختصة بالثلاثة الأيام الأولى أو السبعة والثلاثون متساوية الطول، وعلى ظاهر الحديثين الآخرين هل يختص القصر باليوم الأخير أم يكون القصر فيه وفي غيره أم لا وهل التقدير مختص بصلاتي الظهر والعصر فقط والصبح مختص بما بعد الفجر إلى طلوع الشمس أم يشاركهما أم كيف الحال وهل ما ورد عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان فتكون السنة كالشهر والشهر كالجمعة والجمعة كاليوم واليوم كالساعة والساعة كالضرب بالنار) داخل في حديث الدجال أم هو حديث برأسه في غير زمن الدجال. الجواب: ليست هذه الأحاديث متساوية في الصحة بل الأول منها هو الصحيح والثاني أخرجه ابن ماجة من حديث أبي أمامة وقد نبه الحفاظ على أنه وقع فيه تخبيط في إسناده ومتنه وهذه الجملة مما وقع فيه التخبيط فقد تضافرت الأخبار بأن مدة لبثه في الأرض أربعون يوما لا أربعون سنة، ورد ذلك أيضا من حديث جابر بن عبد الله وعبد الله بن عمر وجنادة بن أبي أمية عن رجل من الأنصار وغيرهم وقد روى الطبراني عن عبد الله بن عمرو مرفوعا يخرج الدجال في أمتى فيمكث أربعين لا أدري أربعين يوما أو أربعين شهرا أو أربعين عاما - الحديث، قال الحافظ ابن حجر في شرح البخاري والجزم بأنها أربعون يوما مقدم على الترديد وقد أخرجه الطبراني أي من وجه آخر عن عبد الله بن عمرو بلفظ فيمكث في الأرض أربعين صباحا وجزم الحافظ ابن كثير في تاريخه أيضا بذلك وقال معدل إقامته سنة وشهران ونصف، وأما الليالي وأما كيفية التقدير إذا كان اليوم مثلا ثلاث درج فلا تتساوى فيه حصة الصبح والظهر والعصر بل يتفاوت على حسب تفاوتها الآن فإنه من أول وقت الصبح الآن إلى وقت الظهر أكثر من أول وقت الظهر إلى وقت العصر ومن أول وقت الظهر إلى وقت العصر أكثر من أول وقت العصر إلى وقت المغرب فيقدر إذ ذاك على حسب هذا التفاوت ويجعل وقت الظهر بعد نصف النهار وهو بعد مضي أكثر من درجة ونصف إذا كان الثلاث درج مقدرة من طلوع الفجر وإن كانت من طلوع الشمس فبعد مضي درجة ونصف، وأما صلاة المغرب والعشاء فيقدران في الأيام الطوال الذي كسنة والذي كشهر والذي كجمعة فيصلى في اليوم الذي كسنة ألف صلاة وثمانمائة صلاة وثلثمائة وستين صبحا وثلثمائة وستين ظهرا وثلثمائة وستين عصرا وثلثمائة وستين مغربا وثلثمائة وستين عشاء مقدار كل صلاة بوقت محدود بالدرج والدقائق على حساب أهل الميقات، غاية الأمر أن وقت الليل صار نهارا، وأما في الأيام القصار فإن كان الليل على طوله المعتاد فواضح وأن تبع النهار في القصر نظر إن وسع اليوم والليلة الخمس الصلوات وجبت وأن لم يسع فمقتضى حديث ابن ماجة أنها تجب، وقد سئل متأخرو أصحابنا عن بلاد يطلع فيها الفجر عقب ما تغرب الشمس فأجاب البرهان الفزاري بوجوب العشاء عليهم ويقضونها، وأفتى معاصروه بأنها لا تجب عليهم لعدم سبب الوجوب في حقهم وهو الوقت فعلى ما أفتى به الفزاري لا إشكال وعلى ما أفتى به غيره قد يقال هذا نص فيقدم على القياس وقد يقال إن الحديث لم يصح وهذه الجملة مما غلط فيه الراوي كما تقدم وقد يقال أن هذا من نص النبي صلى الله عليه وسلم دليل على أن الأيام والليالي حينئذ لا بد أن تتسع بقدر ما تؤدي فيها الصلوات الخمس ولا تقصر عن ذلك، وهذا الاحتمال عندي أرجح بل متعين. وأما إقامة الجمعة في اليوم القصير فواضح مما تقدم تقام بعد مضي نصف حصة النهار. وأما حساب مدة الخف ففي الأيام الطوال تقدر يوم وليلة أو ثلاثة أيام ولياليها كما حسبت أوقات الصلاة وينزع عند مضي جانب من اليوم بقدر ذلك وفي الأيام القصار يوم كامل بليلته أو ثلاثة بلياليها وأن قصرت حدا وينزع بعد مضيها. وأما الصوم ففي اليوم الذي كسنة يعتبر قدر مجيء رمضان بالحساب ويصوم من النهار جزءا بقدر نهار بالحساب أيضا ويفطر ثم يصوم وهكذا وفي اليوم الذي كشهر يصوم اليوم كله عن الشهر ويفطر فيه بقدر ما كان يجيء الليل بالحساب وفي الأيام القصار يصوم النهار فقط ويحسب عن يوم كامل وأن يفطر إذا غربت الشمس ويمسك إذا طلع الفجر وهكذا ولا يضر قصره. ويقاس بذلك سائر الأحكام المتعلقة بالأيام من الاعتكاف والعدد والآجال ونحوها وظاهر الحديث الصحيح أن الطول مختص بالأيام الأول الثلاثة والباقي متساوية كأيامنا، وظاهر حديث ابن ماجة عكس ذلك وهو قصر أيامه وجمعه وشهوره وعامه بالنسبة إلى ما هو الآن ولهذا ترجح أن ذلك وهم من الراوي وتخبيط منه ويمكن الجمع بأن الأمرين موجودان ففي أيام ما هو زائد في الطول كسنة وشهر وجمعة وما هو مساو لأيامنا الآن وما هو قصير عنها إلى أن ينتهي آخر أيامه إلى أن يكون كاضطرام السعفة في النار، وهذا الجمع عندي أفيد من تخطئة الرواية بالكلية وعلى هذا فلا يختص القصر باليوم الأخير بل يكون فيما قبله أيضا ولا يختص التقدير بالظهر والعصر بل يشاركهما الصبح في الأيام الطوال وفي القصار تصلى عند طلوع الفجر بلا تقدير، وأما حديث لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان إلى آخره فهو حديث مستقل غير حديث الدجال وقد اختلف فيه فقيل هو على حقيقته نقص حسى وأن ساعات النهار والليل تنقص قرب قيام الساعة وقيل هو معنوي وأن المراد سرعة مر الأيام ونزع البركة من كل شيء حتى من الزمان وهذا ما رجحه النووي تبعا للقاضي عياض وفيه أقوال غير ذلك والله أعلم.
مسألة: من أمير المؤمنين خليفة الوقت الإمام المتوكل على الله ورد أن السامع للمؤذن في حال قيامه لا يجلس وفي حال جلوسه يستمر على جلوسه، وذكروا أنه إذا سمع المؤذن لا يتوجه من مكانه لمخالفة الشيطان فإن الشيطان إذا سمع المؤذن أدبر وبقي الكلام هل يكره لسامع المؤذن في حال الاضطجاع استمراره على الاضطجاع مع حكايته للفظ المؤذن أو الجلوس له أولى وقد قال الله تعالى (الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم) ونقل عن الإمام مالك أنه أغلظ على من سأل عن حديث في حال قيامه فكيف الحال في ذلك. الجواب: الآية الشريفة واردة في الحث على الذكر في كل حال وأنه لا يكره في حالة من الأحوال وقد روى مسلم في صحيحه عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه وهذا الحكم الذي دلت عليه الآية والحديث باق معمول به عند العلماء كافة، وما ذكر في السؤال من أن السامع للمؤذن في حال قيامه لا يجلس وفي حال جلوسه يستمر على جلوسه لا أصل له في الحديث ولا ورد قط في حديث لا صحيح ولا ضعيف ولا ذكره أحد من أصحابنا في كتب الفقه فيجوز للسامع إذا كان قائما أن يجلس وإذا كان جالسا أن يضطجع وإذا كان مضطجعا أن يستمر على الاضطجاع ويجيب المؤذن حال الاضطجاع ولا يكره له ذلك لأنه لم يرد فيه نهي، والكراهة تحتاج إلى دليل من نهى خاص ولا سبيل إلى وجوده بل الآية الشريفة دالة على جوازه وكذلك الحديث المذكور وأما إغلاظ الإمام مالك على من سأله عن حديث في حال قيامه فلا ينافي ذلك لأن العلم وخصوصا الحديث له خصوصية في التوقير والتبجيل أعظم مما يطلب في الذكر وقد أخرج البيهقي في كتاب المدخل عن ابن المبارك أن رجلا سأله عن حديث وهو يمشي فقال ليس هذا من توقير العلم فكره ابن المبارك أن يسأل عن حديث وهو ماش في الطريق وعده منافيا لتوقير العلم ومعلوم أن الذكر للماشي في الطريق غير مكروه بل ولا تكره قراءة القرآن للماشي كما ذكره النووي وغيره، وأخرج البيهقي عن إسماعيل بن أبي أويس قال كان مالك إذا أراد أن يحدث توضأ وجلس على صدر فراشه وسرح لحيته وتمكن في جلوسه بوقار وهيبة فقيل له في ذلك فقال أحب أن أعظم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يكره أن يحدث في الطريق أو وهو قائم وأخرج عن سعيد بن المسيب أن رجلا سأله عن حديث وهو مريض وهو مضطجع فجلس فحدثه فقال الرجل وددت أنك لم تتعب فقال كرهت أن أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا مضطجع، وأخرج عن ضرار بن مرة قال كانوا يكرهون أن يحدثوا على غير طهر. فهذه آداب اختص بها نشر الحديث وروايته تعظيما له ولا يطلب عند الذكر الاعتناء بمثل ذلك من تسريح اللحية والجلوس على صدر فراش ونحوه ولا يكره الذكر للمحدث بل ولا للجنب، والمقصود بهذا كله أن نشر العلم يطلب عنده آداب تعظيما له يختص بها عن الذكر ونحوه حتى لو أراد الإنسان أن يمر على حديث لنفسه في كتابه أو نحوه من غير نشر بين الناس لم يكره له أن يمر عليه وهو مضطجع أو قائم، ولو أراد أن يقرئ أحدا القرآن كره له أن يقرئه وهو مضطجع أو قائم أو ماش لأن ذلك ليس من توقير العلم، ولو أراد أن يقرأ لنفسه وحده لم يكره له أن يقرأ وهو قائم أو ماش أو مضطجع لأن ذلك مجرد قراءة وذكر لا تعليم. والحاصل أن الآداب المطلوبة عند تعليم الناس العلم ونشره لهم لا يتعين طلبها على الإنسان إذا كان وحده فللقارئ وحده حكم غير المقرئ لغيره، وللناظر في الحديث وحده حكم غير الراوي له عند غيره، والذاكر حكمه حكم المنفرد لا حكم المعلم فلهذا لم يكره له الذكر في حال من الأحوال وكره السؤال عن الحديث في حال القيام وأما كونه إذا سمع المؤذن لا يتوجه من مكانه لمخالفة الشيطان فهذا صحيح، وقد ورد النهي عنه لكنه خاص بالمسجد روى مسلم وأبو داود والترمذي عن أبي الشعثاء قال كنا مع أبي هريرة في المسجد فخرج رجل حين أذن المؤذن فقال أبو هريرة أما هذا فقد عصى أبا القاسم ثم قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كنتم في المسجد فنودي بالصلاة فلا يخرج أحدكم حتى يصلى، وأخرج ابن ماجة عن عثمان ابن عفان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أدرك الآذان في المسجد ثم خرج لم يخرج لحاجة وهو لا يريد الرجعة فهو منافق والله أعلم.
مسألة: في قول الفقهاء في المحاريب التي يمتنع الاجتهاد معها في القبلة أن تكون في بلدة أو قرية نشأ بها قرون وسلمت من الطعن، هل قولهم قرون مجازا أرادوا به أن تمضي عليها سنون تغلب على الظن أو ذلك حقيقة ولا بد أن يمضي قرون والقرن مائة سنة وأقل الجمع ثلاث فلا بد من ثلاثمائة سنة وإلا لم يثبت لها هذا الحكم، وقولهم وسلمت من الطعن ما حقيقة الطعن الذي يخرجها عن هذا الاعتبار وما ضابطه هل يحصل بمجرد الطعن ولو من واحد أم لا بد من أكثر، ومن صلى إلى محراب ثم تبين أنه لم يمض عليه قرون أو طعن فيه هل يلزمه إعادة ما صلاه إليه أم لا وهل يجب عليه قبل الإقدام أن يبحث عنها هل مضى عليها قرون وسلمت من الطعن ولا يجوز له الاعتماد عليها قبل البحث وإذا صلى إليها قبله لم تنعقد صلاته أو يجوز الإقدام وتنعقد صلاته حملا على أن الأصل في وضع المحراب أن يحتاط له ويوضع بحق وإن كان ظنا حتى يتبين خلافه، وإذا نشأ جماعة ببلدة عمر كل واحد نحو خمسين سنة وهم يصلون إلى محراب زاوية كان على عهد آبائهم ببلدهم وهم لا يعرفون أمضى عليه قرون أم لا ولا يعرفون هل طعن فيه أحد أم لا ثم ورد عليهم شخص يعرف الميقات فقال لهم هذا فاسد وأحدث لهم محرابا غيره منحرفا عنه هل يلزمهم اتباع قوله وترك المحراب الأول أم لا وإذا لزمهم فهل يجب عليهم إعادة ما صلوه إلى الأول أم لا. الجواب: ليس المراد بالقرون ثلثمائة سنة بلا شك ولا مائة سنة ولا نصفها وإنما المراد جماعات من المسلمين صلوا إلى هذا المحراب ولم ينقل عن أحد منهم أنه طعن فيه فهذا هو الذي لا يجتهد فيه في الجمعة ويجتهد فيه في التيامن والتياسر، وقد عبر في شرح المهذب بقوله في بلد كبير أو في قرية صغيرة يكثر المارون بها حيث لا يقرونه على الخطأ فلم يشترط قرونا وإنما شرط كثرة المارين وذلك مرجعه إلى العرف وقد يكتفى في مثل ذلك بسنة وقد يحتاج إلى أكثر بحسب كثرة مرور الناس بها وقلته فالمرجع إلى كثرة الناس لا إلى طول الزمان ويكفى الطعن من واحد إذا ذكر له مستندا أو كان من أهل العلم بالميقات فذلك يخرجه عن رتبة اليقين الذي لا يجتهد معه، ومن صلى إلى محراب ثم تبين فقد شرطه المذكور لزمه الإعادة لأن واجبه حينئذ الاجتهاد ولا يجوز له الاعتماد عليه كما صرح به في شرح المهذب ومن واجبه الاجتهاد إذا صلى بدونه أعاد ويجب على الشخص قبل الإقدام البحث عن وجود الشرط المذكور وإذا صلى قبله بدون الاجتهاد لم تنعقد صلاته، ومحراب الزاوية المذكور إن كانت بلدته كبيرة أو صغيرة كثر المرور بها ولم يسمع فيه طعن فالصلاة إليه صحيحة وإن كانت صغيرة ولم يكثر المرور بها لم تصح الصلاة إلا باجتهاد ويتبع قول الميقاتي في تحريفه إن كان بارعا في فنه موثوقا به وقليل ما هم، ولا يلزم إعادة ما تقدم من الصلوات.
مسألة: وقع في عبارة عدة من الكتب (باب صفة الصلاة) ومراده أن يبين في الباب الهيئة الحاصلة للصلاة بأركانها وعوارضها فهل يجوز أن تكون هذه الإضافة إضافة بيانية وإذا لم تكن فأي إضافة هي. الجواب: ليست هذه الإضافة بيانية لأن الإضافة البيانية هي إضافة الشيء إلى مرادفه كسعيد كرز وبابه ولا يكون على تقدير حرف ولا هي من قسم المحضة عند الأكثرين بل هي إما غير محضة على رأي الفارسي وغيره أو واسطة بين المحضة وغيرها على رأي ابن مالك، وصفة الصلاة ليست من إضافة الشيء إلى مرادفه لأن الصفة غير الموصوف والكيفية غير المكيف وهي على تقدير اللام وهي محضة تتبين مفارقتها للبيانية من هذه الوجوه الثلاثة. مسألة: إذا قال المصلى (الصراط الذين) بزيادة آل هل تبطل صلاته أم لا. الجواب: الظاهر التفرقة في ذلك بين العامد وغيره. مسألة: في قوله في دعاء القنوت ولا يعز من عاديت هل هو بكسر العين أو فتحها. الجواب: هو بكسر العين مع فتح الياء بلا خلاف بين العلماء من أهل الحديث واللغة والتصريف، وألفت في ذلك مؤلفا سميته أولا الإعراض والتولي عمن لا يحسن يصلى ثم عدلت عن هذا الاسم وسميته الثبوت في ضبط القنوت، وهو مودع في الجزء السادس والثلاثين من تذكرتي، وقلت في آخره نظما: يا قارئا كتب التصريف كن يقظا *** وحرر الفرق في الأفعال تحريرا عز المضاعف يأتى في مضارعه *** تثليث عين بفرق جاء مشهورا فما كقل وضد الذال مع عظم *** كذا كرمت علينا جاء مكسورا وما كعز علينا الحال أي صعبت *** فافتح مضارعه إن كنت نحريرا وهذه الخمسة الأفعال لازمة *** واضمم مضارع فعل ليس مقصورا عززت زيدا بمعنى قد غلبت كذا *** أعنته فكلا ذا جاء مأثورا وقل إذا كنت في ذكر القنوت ولا *** يعز يا رب من عاديت مكسورا واشكر لأهل علوم الشرع إذ شرحوا *** لك الصواب وأبدوا فيه تذكيرا واصلحوا لك لفظا أنت مفتقر *** إليه في كل صبح ليس منكورا لا تحسبن منطقا يحكى وفلسفة *** ساوى لدى علماء الشرع تطهيرا
بسم الله الرحمن الرحيم مسألة: مذهب الشافعي رضي الله عنه أن المصلي إذا رفع رأسه من الركوع يقول في حال ارتفاعه سمع الله لمن حمده، فإذا استوى قائما يقول ربنا لك الحمد، وأنه يستحب الجمع بين هذين للإمام والمأموم والمنفرد، وبهذا قال عطاء وأبو بردة ومحمد بن سيرين وإسحاق وداود، وقال أبو حنيفة يقول الإمام والمنفرد سمع الله لمن حمده فقط والمأموم ربنا لك الحمد فقط وحكاه ابن المنذر عن ابن مسعود وأبي هريرة والشعبي ومالك وأحمد قال وبه أقول وقال الثوري والأوزاعي وأبو يوسف ومحمد وأحمد يجمع الإمام بين الذكرين ويقتصر المأموم على ربنا لك الحمد واحتج لهم بحديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه فإذا كبر فكبروا وإذا ركع فاركعوا وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا لك الحمد وإذا سجد فاسجدوا وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعون" وبحديث عائشة قالت صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته وهو شاك فصلى جالسا وصلى وراءه قوم قياما فأشار ليهم أن اجلسوا فلما انصرف قال إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا ركع فاركعوا 0وإذا رفع فارفعوا وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا لك الحمد وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعون - رواهما الشيخان. ولأصحابنا الشافعية في الاحتجاج مسالك: (المسلك الأول) أن لا حجة للخصوم في هذين الحديثين إذ ليس فيهما ما يدل عل النفي بل فيهما أن قول المأموم ربنا لك الحمد يكون عقب قول الإمام سمع الله لمن حمده والواقع في التصوير ذلك لأن الإمام يقول التسميع في حال انتقاله والمأموم يقوم التحميد في حال اعتداله فقوله يقع بعد قول الإمام كما في الحديث ونظير ذلك قوله صلى الله عليه وسلم (إذا قال الإمام ولا الضالين فقولوا آمين) فإنه لا يلزم منه أن الإمام لا يؤمن بعد قوله (ولا الضالين) وليس فيه تصريح بأن الإمام يؤمن كما أنه ليس في هذين الحديثين تصريح بأن الإمام يقول ربنا لك الحمد لكنهما مستفادان من أدلة أخرى صريحة منها هنا. ما أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قال (سمع الله لمن حمده) قال (اللهم ربنا لك الحمد) وأخرج مسلم عن حذيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال حين رفع رأسه (سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد) وأخرج البخاري مثله من رواية ابن عمر، ومسلم مثله من رواية عبد الله بن أبي أوفى فثبت بهذه الأحاديث أن الإمام يجمع بين التسميع والتحميد على خلاف ظاهر هذين الحديثين فلم يصلح الاستدلال بهما على أن الإمام لا يجمع بينهما وإذا لم يصلح الاستدلال بهما في حق الإمام لم يصلح الاستدلال بهما في حق المأموم أيضا كما لا يخفى. (المسلك الثاني) إذا ثبت أنه لا دلالة في هذين الحديثين على أن الإمام لا يجمع بين الذكرين ولا أن المأموم لا يجمع بينهما وثبت أن التصريح بأن الإمام يجمع بينهما من أدلة أخرى دل ذلك على أن المأموم أيضا يجمع بينهما لأن الأصل استواء الإمام والمأموم فيما يستحب من الأذكار في الصلاة كتكبيرات الانتقالات وتسبيحات الركوع والسجود. (المسلك الثالث) ثبت في صحيح البخاري من حديث مالك بن الحويرث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (صلوا كما رأيتموني أصلي) فهذا يدل على أن المأموم يجمع بين التسميع والتحميد لأنه أمر الأئمة بأن يصلوا كما صلى وقد ثبت بتلك الأحاديث أنه لما صلى قال: ( سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد) فلزم من ذلك أن كل مصل يقول ذلك فتتحقق المثلية.
(المسلك الرابع) نقل الطحاوي وابن عبد البر الإجماع على أن المنفرد يجمع بينهما وجعله الطحاوي حجة لكون الإمام يجمع بينهما ويصلح جعله حجة لكون المأموم أيضا يجمع بينهما لأن الأصل استواء الثلاثة في المشروع في الصلاة إلا ما صرح الشرع باستثنائه. (المسلك الخامس) الاستئناس بما أخرجه الدار قطني بسند ضعيف عن بريدة قال قال النبي صلى الله عليه وسلم (يا بريدة إذا رفعت رأسك من الركوع فقل سمع الله لمن حمده اللهم ربنا لك الحمد ملئ السماوات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد) وبما أخرجه عن أبي هريرة قال كنا إذا صلينا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال سمع الله لمن حمده قال من وراءه سمع الله لمن حمده قال من وراءه سمع الله لمن حمده، وبما أخرجه عن ابن عون قال قال محمد إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده قال من خلفه سمع الله لمن حمده اللهم ربنا لك الحمد. (المسلك السادس) إن الصلاة مبنية على أن لا يفتر عن الذكر في شيء منها فإن لم يأت بالذكرين في الرفع والاعتدال بقي أحد الحالين خاليا عن الذكر. (المسلك السابع) قال الأصحاب معنى قوله صلى الله عليه وسلم وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا لك الحمد أي قولوا ربنا لك الحمد مع ما قد علمتموه من قول سمع الله لمن حمده وإنما خص هذا بالذكر لأنهم كانوا يسمعون جهر النبي صلى الله عليه وسلم بسمع الله لمن حمده فإن السنة فيه الجهر ولا يسمعون قوله ربنا لك الحمد غالبا لأنه لا يأتي به سرا وكانوا يعلمون قوله صلى الله عليه وسلم صلوا كما رأيتموني أصلي مع قاعدة التأسي به صلى الله عليه وسلم مطلقا فكانوا موافقين في سمع الله لمن حمده فلم يحتج إلى الأمر به ولا يعرفون ربنا لك الحمد فأمروا به. (المسلك الثامن) القياس على حديث إذا قال المؤذن حي على الصلاة فقولوا لا حول ولا قوة إلا بالله فإن الراجح في مذهب الخصم أن السامع يجمع بين الحيعلة والحوقلة فيكون قوله فقولوا لا حول ولا قوة إلا بالله أي مضموما إلى الكلمة التي قالها المؤذن فكذلك معنى الحديث فقولوا ربنا لك الحمد أي مضموما إلى الكلمة التي قالها الإمام. (المسلك التاسع) إن الحديث بعضه منسوخ وهو قوله وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعون فما المانع أن يكون دخل في بقية أبعاضه نسخ أو تخصيص أو تأويل، وإذا طرقه هذا الاحتمال سقط به الاستدلال قال ابن أبي شيبة في مصنفه ثنا ابن علية عن ابن عون قال كان محمد بن سيرين يقول إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده قال من خلفه سمع الله لمن حمده اللهم ربنا لك الحمد.
مسألة: قال الأسنوي في أول باب صلاة الجماعة: احترز المصنف بالفرائض عن النوافل فإن الجماعة تسن في بعضها ثم قال وعن الصلاة التي تستحب إعادتها بسبب ما كالشك في الطهارة فقوله كالشك مخالف للمتقدم له من أن الشك بعد الفراغ في الطهارة مبطل كالشك في النية فيحمل على الشك في طهارة الثوب أو البدن أو المكان أو كيف الحال. الجواب: يجاب عن ذلك بوجهين أحدهما أن يكون ذلك على الوجه القائل بعدم الإبطال كما هو أحد الوجهين في المسالة، والثاني أن يحمل على اختلاف الصورة فالأبطال فيما إذا شك هل كان متطهرا أم لا والصحة واستحباب الإعادة فيما إذا كان متطمرا وشك في نقض الطهارة وهي مسألة تيقن الطهارة والشك في الحدث فيكون معنى قوله كالشك في الطهارة أي هل انتقضت أم لا والله أعلم.
مسألة: قول المنهاج ولو نقل ركنا قوليا إلى آخره قال الشارح التكبير والسلام داخلان في عبارة المصنف مع أن نقل السلام مبطل وفي التكبير نظر فقوله نقل السلام مبطل هل يفرق فيه بين العمد والنسيان أم لا وما وجه النظر في التكبير. الجواب: هو خاص بحال العمد ومراده بالنظر التوقف لأنه يحتمل أن يقال فيه بالبطلان لأنه كقطع الصلاة والإحرام الأول وتجديد إحرام جديد ويحتمل أن لا لأنه زيادة ذكر ولا تضر وإنما يكون مبطلا إذا قصد به الخروج من الصلاة وتجديد إحرام جديد كمسألة من يخرج من صلاته بالاشفاع ويدخل بالأوتار والحاصل أنه لو قصد الذكر المحض لم تبطل قطعا ولو قصد قطع الإحرام الأول وتجديد إحرام جديد بطلت قطعا ولو اقتصر على قصد التجديد وانتقل دون القطع فهي المسألة وهي رتبة وسطى فيحتمل البطلان وعدمه وهو محل توقف والله أعلم.
مسألة: سجدات التلاوة التي اختلف في محلها كسجدة آحم هل يستحب عند كل محل سجدة عملا بالقولين. الجواب: لم أقف على نقل في المسألة والذي يظهر المنع لأنه حينئذ يكون آتيا بسجدة لم تشرع والتقرب بسجدة لم تشرع لا يجوز بل يسجد مرة واحدة عند المحل الثاني وتجزئه على القولين أما القائل بأنه محلها فواضح وأما القائل بأن محلها الآية قبلها فقراءة الآية لا يطيل الفصل والسجود على قرب الفصل مجزئ. مسألة: فيما قاله العلماء في آية سجدة التلاوة من أنه إنما يسن السجود إذا قرأ أو سمع الآية كاملة فإن قرأ أو سمع بعضها لم يسن له وقد جزم العلماء الذين عدوا الآي بأن قوله تعالى في سورة النمل (الله لا إله إلا هو رب العرش العظيم) آية وكذا قوله في حم (فإن استكبروا - إلى يسأمون) آية فهل إذا قرأ كلا من هاتين يسن له السجود أولا حتى يضم إليهما ما قبلهما وهو قوله (ألا يسجدوا لله) إلى قوله (وما يعلنون) وقوله (ومن آياته الليل) إلى قوله (يعبدون). الجواب: نعم يسن له السجود ولا يحتاج إلى ضم ما قبل.
مسألة: قوله في دعاء القنوت وإليك نسعى ونحفد هل هو بالدال المهملة أو بالمعجمة. الجواب: هو بالمهملة وألفت فيه مؤلفا سميته اتحاف الوفد بنبأ سورة الحفد وهو مودع في الجزء الثامن والثلاثين من التذكرة.
مقدمة بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى. وبعد فقد وقع الكلام في استحباب صلاة الضحى والرد على من أنكرها فتمسك المنكر بحديث البخاري عن عائشة قالت ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسبح سبحة الضحى وإني لأسبحها وبحديث مسلم عن عبد الله بن شقيق قال قلت لعائشة أكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى قالت لا إلا أن يجئ من مغيبه فوقع الجواب بأن ذلك نفى منها فيقدم عليه رواية من أثبت فصمم بأنه لو صلاها لم يخف على أهله فوقع الجواب بأنه لم يكن ملازما لها في جميع أوقاته بل كان لها منه وقت في أوقات فإنه صلى الله عليه وسلم في وقت يكون مسافرا وفي وقت يكون حاضرا وقد يكون في الحضر في المسجد وغيره وإذا كان في بيته فله تسع نسوة وكان يقسم لهن فإذا اعتبر ذلك لم يصادف وقت الضحى عند عائشة إلا في نادر من الأوقات وما رأته صلاها في تلك الأوقات النادرة فقالت ما رأيته ولا ينافى ذلك أن يبلغها بأخبار غيرها أنه صلاها أو بأخباره هو صلى الله عليه وسلم ولذلك ورد عنها أيضا لثبات أنه صلى الله عليه وسلم صلاها مع ما ورد من رواية غيرها في ذلك ومع الأحاديث الكثيرة الواردة في الأمر بها وقد أوردت ذلك جميعه في هذا الجزء
ذكر استنباطها من القرآن أخرج سعيد بن منصور في سننه عن ابن عباس قال طلبت صلاة الضحى في القرآن فوجدتها ههنا (يسبحن بالعشي والإشراق) وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف والبيهقي في شعب الإيمان من وجه آخر عن ابن عباس قال إن صلاة الضحى لفي القرآن وما يغوص عليها الأغواص في قوله تعالى (في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال) وأخرج الأصبهاني في الترغيب عن عون العقيلي في قوله تعالى (إنه كان للأوابين غفورا) قال الذين يصلون صلاة الضحى.
ذكر الأحاديث الواردة في أنه صلى الله عليه وسلم صلاها أخرج الشيخان عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال ما حدثنا أحد أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى غير أم هانئ فإنها قالت إن النبي صلى الله عليه وسلم دخل بيتها يوم فتح مكة فاغتسل وصلى ثماني ركعات فلم أر صلاة قط أخف منها غير أنه يتم الركوع والسجود. وأخرج أبو داود والبيهقي في سننه بسند صحيح عن أم هانئ أن النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح صلى سبحة الضحى ثمان ركعات سلم من كل ركعتين، وأخرج ابن عبد البر في التمهيد عن أم هانئ بنت أبي طالب قالت قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم في فتح مكة فنزل بأعلى مكة فصلى ثمان ركعات فقلت يا رسول الله ما هذه الصلاة قال صلاة الضحى، واخرج مسلم عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى أربعا ويزيد ما شاء، وأخرج أبو نعيم في الحلية عن عائشة أنها كانت تصلي الضحى وتقول ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي إلا أربع ركعات، وأخرج الطبراني في الأوسط والأصبهاني في الترغيب عن أنس قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى ست ركعات فما تركتهن بعد ذلك، وأخرج أحمد والحاكم في المستدرك وصححه عن أنس قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في سفر صلى سبحة الضحى ثماني ركعات، وأخرج البخاري في التاريخ والطبراني في الأوسط عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الضحى ست ركعات، وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري في تاريخه والطبراني في الكبير بسند حسن عن جبير بن مطعم أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى، وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن حذيفة بن اليمان قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حرة بني معاوية وتبعت أثره فصلى الضحى ثمان ركعات طول فيهن ثم انصرف، وأخرج الدارقطني في الإفراد عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الضحى ببقيع الزبير ثمان ركعات وقال إنها صلاة رغب ورهب، وأخرج أحمد عن عتبان بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى سبحة الضحى فقاموا وراءه فصلوا، وأخرج الترمذي وحسنه عن أبي سعيد الخدري قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى حتى نقول لا يدعها ويدعها حتى نقول لا يصليها، وأخرج البزار وابن عدي والبيهقي في دلائل النبوة عن عبد الله بن أبي أوفى أنه صلى الضحى ركعتين وقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الضحى ركعتين يوم بُشِّر برأس أبي جهل وبالفتح، وأخرج أحمد والطبراني عن عائذ بن عمرو قال كان في الماء قلة فتوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فنضحنا به ثم صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الضحى، وأخرج البزار بسند ضعيف عن سعد بن أبي وقاص قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الضحى بمكة يوم فتحها ثمان ركعات يطيل القراءة فيها والركوع، وأخرج بسند ضعيف عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يترك صلاة الضحى في سفر ولا غيره، وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن أبي هريرة قال ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الضحى إلا مرة، وأخرج سعيد بن منصور في سننه والترمذي والنسائي وابن ماجه عن علي رضي الله عنه أنه سئل عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنهار فقال كان يصلي بالنهار ست عشرة ركعة، كان إذا زالت الشمس من مطلعها قيد رمح أو رمحين كقدر صلاة العصر من مغربها صلى ركعتين ثم انتقل حتى إذا ارتفع الضحى صلى أربع ركعات وكان يصلي قبل الظهر أربع ركعات ورعد الظهر ركعتين وقبل العصر أربع ركعات وأخرج احمد وأبو يعلى بسند رجاله ثقات عن علي بن أبي طالب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي الضحى، وأخرج البيهقي في دلائل النبوة عن عبد الله بن بسر قال أهدي للنبي صلى الله عليه وسلم شاة والطعام يومئذ قليل فقال لأهلها أصلحوها فلما أصبحوا وسجدوا الضحى أتى بالقصعة - الحديث، وأخرج ابن مندة وابن شاهين كلاهما في الصحابة عن قدامة وحنظلة الثقفيين رضي الله عنهما قالا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ارتفع النهار وذهب كل أحد وانقلب الناس خرج إلى المسجد فركع ركعتين أو أربعا ثم ينصرف، وأخرج ابن عدي عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الضحى عند الركن ركعتين، فيه نافع أبو هرمز متروك، وأخرج من طريق زادان أبي عمر عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من الأنصار قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي صلاة الضحى ويقول رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الغفور حتى بلغ مائة. وأخرج ابن أبي حاتم في كتاب الأضاحي عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب على النحر ولم يكتب عليكم وأمرت بصلاة الضحى ولم تؤمروا بها.
الأحاديث الواردة في الأمر بها والترغيب فيها ورد ذلك من رواية بضعة وعشرين صحابيا أنس وبريده وجابر وحذيفة والحسن ابن علي وزيد بن أرقم وعبد الله بن أبي أوفى وعبد الله بن جراد وابن عباس وابن عمر وابن عمرو وعتبة بن عبد السلمى وعقبة بن عامر وعلي وعمر بن الخطاب ومعاذ ابن أنس الجهني ونعيم بن همار والنواس بن سمعان وأبي أمامة وأبي الدرداء وأبي ذر وأبي مرة الطائفي وأبي موسى وأبي هريرة وعائشة: (حديث أنس) أخرج الترمذي وابن ماجه عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من صلى الضحى ثنتى عشرة ركعة بنى الله له قصرا في الجنة من ذهب) وأخرج الأصبهاني في الترغيب عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من صلى الغداة في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كان له كحجة وعمرة تامة تامة تامة، واخرج ابو الشيخ في الثواب عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم ركعتان من الضحى تعدلان عند الله بحجة وعمرة متقبلتين، وأخرج الأصبهاني عن أنس قال أوصاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا أنس صل صلاة الضحى فإنها صلاة الأوّابين، وأخرج عن أنس قال قال صلى الله عليه وسلم من صلى الضحى فقرأ فيها بفاتحة الكتاب وقل هو الله أحد عشرا وآية الكرسي عشرا استوجب رضوان الله الأكبر، وأخرج عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من عبد صلى صلاة الصبح ثم جلس في مجلسه حتى تطلع الشمس ثم يقوم فيصلي ركعتين أو أربع ركعات إلا كان خيرا له مما طلعت عليه الشمس، وأخرج أبو نعيم عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: صل صلاة الضحى فإنها صلاة الأبرار وسلم إذا دخلت بيتك يكثر خير بيتك، وأخرج ابن عساكر عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن للجنة بابا يقال له الضحى لا يدخل منه إلا أصحاب صلاة الضحى تحن الضحى إلى صاحبها كما تحن الناقة إلى فصيلها. (حديث بريدة) أخرج حميد بن زنجويه في فضائل الأعمال عن بريدة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في الإنسان ستون وثلاثمائة مفصل فعليه أن يتصدق عن كل مفصل منه صدقة قالوا من يطبق ذلك. قال: النخاعة في المسجد تدفنها والشيء تنحيه عن الطريق فإن لم تقدر فركعتا الضحى تجزئك. (حديث جابر) أخرج الأصبهاني عن جابر بن عبد الله قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد فقال يا جابر سبحت تسبيحة الضحى قلت: لا قال: فادخل فصلِّ. (حديث حذيفة) أخرج البيهقي في شعب الإيمان عن حذيفة بن اليمان قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من شهد أن لا إله إلا الله وحافظ على صلاة الضحى ولم يتند بدم حرام فإنه في ذمة الله فمن استطاع منكم أن يلقى الله يوم يلقاه وليس يطلبه بشيء من ذمته فليفعل فإن الله ليس بتارك شيئا من ذمته عند أحد من خلقه. (حديث الحسن) أخرج حميد بن زنجويه في فضائل الأعمال والبيهقي في شعب الإيمان عن الحسن بن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلى الفجر ثم جلس في مصلاه يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى من الضحى ركعتين حرمه الله على النار أن تلفحه أو تطعمه. (حديث زيد بن أرقم) أخرج ابن أبي شيبة ومسلم عن زيد بن أرقم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على أهل قباء وهم يصلون بعد طلوع الشمس- ولفظ ابن أبي شيبة وهم يصلون الضحى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الله عليه وسلم صلاة الأولين إذا رمضت الفصال. (حديث عبد الله بن أبي أوفى) أخرج عبد ابن حميد وسمويه عن عبد الله بن أبي أوفى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الأوابين حين ترمض الفصال. (حديث عبد الله بن جراد) أخرج الديلمي عن عبد الله ابن جراد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال المنافق لا يصلي الضحى ولا يقرأ (قل يا أيها الكافرون). (حديث ابن عباس) أخرج الطبراني في الأوسط عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال على كل سلامى من بن آدم في كل يوم صدقة ويجزئ من ذلك كله ركعتا الضحى، وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن شعبة مولى ابن عباس قال: كان ابن عباس يقول لي سقط الفيء فإذا قلت نعم قام فسبح، وأخرج سعيد بن منصور من طريق عطاء عن ابن عباس قال: صلاة الضحى بعد أن تنقطع الظلال. وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة عن حبيب بن الشهيد قال: سئل عكرمة عن صلاة ابن عباس الضحى قال كان يصليها اليوم ويدعها العشر. (حديث ابن عمرو) وأخرج أحمد والطبراني بسند رجاله عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فغنموا وأسرعوا الرجعة فتحدث الناس بقرب مغزاهم وكثرت غنيمتهم وسرعة رجعتهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أدلكم على أقرب منهم مغزى وأكثر غنيمة وأوشك رجعة من توضأ ثم غدا إلى المسجد لسبحة الضحى فهو أقرب منهم مغزى وأكثر غنيمة وأوشك رجعة. (حديث بن عمر) أخرج الطبراني أي عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الله تعالى يا ابن آدم اضمن لي ركعتين من أول النهار أكفك آخره، وأخرج أيضا بسند حسن عن ابن عمر سمعت رسول اله صلى الله عليه وسلم يقول من صلى الضحى وصام ثلاثة أيام من الشهر ولم يترك الوتر في حضر ولا سفر كتب له أجر شهيد. حديث (عتبة بن عبد السلمى) أخرج الطبراني في الكبير والبيهقي في شعب الإيمان وحميد بن زنجويه في فضائل الأعمال عن عتبة بن عبد السلمي وأبي أمامة الباهلي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من صلى الصبح 0في مسجد جماعة ثم ثبت فيه حتى يسبح تسبيحة الضحى يعني صلا ة الضحى كان له كأجر حاج أو معتمر تام له حجه وعمرته. (حديث عقبة بن عامر) أخرج البيهقي عن عقبة قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصلي ركعتا الضحى بسورتيهما بالشمس وضحاها والضحى، وأخرج أحمد وأبو يعلى بسند رجاله رجال الصحيح عن عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى ابن آدم لا تعجزني من أربع ركعات من أول النهار أكفك آخره، وأخرج أبو يعلى عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من قام إذا استقبلت الشمس فتوضأ فاحسن وضوءه ثم قام فصلى ركعتين غفر له خطاياه وكان كما ولدته أمه. (حديث علي) أخرج بن أبي شيبة في المصنف عن أبي رملة الأزدي عن علي أنه رآهم يصلون الضحى عند طلوع الشمس فقال هلا تركوها حتى إذا كانت الشمس قيد رمح أو رمحين صلوها فتلك صلاة الأوابين. (حديث عمر بن الخطاب) أخرج حميد بن زنجويه في فضائل الأعمال عن عمر بن الخطاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية فعجلت الكرة وعظمت الغنيمة فقالوا يا رسول الله ما رأينا سرية قط أعجل كرة ولا أعظم غنيمة من سريتك التي بعثت قال أفلا أخبركم بأعجل كرة منهم وأعظم غنيمة قالوا من يا رسول الله قال: أقوام يصلون الصبح ثم يجلسون في مجالسهم ويذكرون الله حتى تطلع الشمس ثم يصلون ركعتين ثم يرجعون إلى أهليهم فهؤلاء أعجل كرة وأعظم غنيمة منهم، وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن عمر بن الخطاب قال أضحوا عباد الله بصلاة الضحى. (حديث معاذ بن أنس) أخرج أبو داود والبيهقي في سننه عن معاذ بن أنس الجهني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من قعد في مصلاه حين ينصرف من صلاة الصبح ثم يسبح ركعتي الضحى لا يقول إلا خيرا غفر له خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر. (حديث نعيم بن همار) أخرج أبو داود والبيهقي في شعب الإيمان عن نعيم بن همار قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قال الله يا ابن آدم لا تعجزني من أربع ركعات في أول نهارك أكفك آخره. (حديث نواس بن سمعان) أخرج الطبراني بسند رجاله ثقات عن النواس بن سمعان عن النبي صلى الله عليه وسلم يقول الله يا ابن آدم لا تعجزني من أربع ركعات من أول النهار أكفك آخره. (حديث أبي أمامة) أخرج البيهقي عن أبي أمامة قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم من مشى إلى صلاةٍ مكتوبة وهو متطهر فأجره كأجر الحاج المحرم ومن مشى إلى سبحة الضحى لا ينهضه إلا إياه فأجره كأجر المعتمر صلاة على أثر صلاة لا لغو بينهما كتاب في عليين، وأخرجه سعيد بن منصور في سننه بلفظ من تطهر في بيته ثم أتى مسجد جماعة فسبح به سبحة الضحى كتب الله له كأجر المعتمر المحرم، والباقي نحو ما تقدم، وأخرج البيهقي عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الآية (وإبراهيم الذي وفى) هل تدرون ما وفى قالوا الله ورسوله أعلم قال وفي عمل يومه بأربع ركعات من أول النهار، وأخرج الطبراني عن أبي أمامة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الله يا ابن آدم اركع لي أربع ركعات من أول النهار أكفك آخره، وأخرج بسند جيد عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلى صلاة الغداة في جماعة ثم جلس يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم قام فصلى ركعتين انقلب بأجر حجة وعمرة، وأخرج أيضا بسند جيد عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا طلعت الشمس من مطلعها كهيئتها من صلاة العصر حتى تغرب من مغربها فصلى رجل ركعتين وأربع سجدات كان له أجر ذلك اليوم وكفر عنه خطيئته وإثمه وإن مات من يومه دخل الجنة. (حديث أبي الدرداء) أخرج مسلم عن أبي الدرداء قال أوصاني حبيبي صلى الله عليه وسلم بثلاث لا أدعهن ما عشت بصيام ثلاثة أيام من كل شهر وصلاة الضحى وأن لا أنام حتى أوتر، وأخرج الترمذي عن أبي الدرداء وأبي ذر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الله أنه قال ابن آدم اركع لي أربع ركعات من أول النهار أكفك آخره، وأخرج أحمد والبيهقي من وجه آخر بسند جيد عن أبي الدرداء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الله يقول يا ابن آدم لا تعجزن من أربع ركعات أول النهار أكفك آخره، وأخرج البيهقي عن أبي الدرداء قال لا يحافظ على سبحة الضحى ألا أواب، وأخرج الطبراني بسند حسن عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلى الضحى ركعتين لم يكتب من الغافلين ومن صلى أربعا كتب من العابدين ومن صلى ستا كُفيَ اليوم ومن صلى ثمانية كتب من القانتين ومن صلى اثنتي عشر بنى الله له بيتا في الجنة. (حديث أبي ذر) أخرج مسلم وأبو داود عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يصبح على كل سلامى من ابن آدم صدقة تسليمه على كل من لقى صدقة وأمره بالمعروف صدقة ونهيه عن المنكر صدقة وإماطته الأذى عن الطريق صدقة وبضعة أهله صدقة ويجزئ من ذلك كله ركعتا الضحى، وأخرج البزار والبيهقي والأصبهاني وحميد بن زنجويه في فضائل الأعمال عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن صليت الضحى ركعتين لم تكتب من الغافلين وإن صليتها أربعا كتبت من المحسنين وإن صليتها ستا كتبت من القانتين وإن صليتها ثمانيا كتبت من الفائزين وإن صليته عشرا لم يكتب لك ذلك اليوم ذنب وإن صليتها اثنتى عشرة ركعة بنى الله لك بيتا في الجنة، وأخرج ابن عدي عن أبي ذر قال أوصاني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أصلي الضحى في السفر. (حديث أبي موسى) أخرج الطبراني في الكبير عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلى الضحى وقبل الأولى أربعا بنى له بيت في الجنة. (حديث أبي مرة الطائفي) أخرج أحمد بسند رجاله رجال الصحيح عن أبي مرة الطائفي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الله قال الله يا ابن آدم صل لي أربع ركعات من أول النهار أكفك آخره. (حديث أبي هريرة) أخرج الشيخان عن أبي هريرة قال: أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث صيام ثلاثة أيام من كل شهر وركعتي الضحى وأن أوتر قبل أن أنام، وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي وابن ماجة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من حافظ على سبحة الضحى غفر له ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر وأخرج البخاري في تاريخه والحاكم في المستدرك وصححه على شرط مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحافظ على صلاة الضحى إلا أواب قال وهي صلاة الأوابين، وأخرج الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن في الجنة بابا يقال له الضحى فإذا كان يوم القيامة نادى مناد أين الذين كانوا يديمون على صلاة الضحى هذا بابكم فادخلوه برحمة الله، وأخرج أبو يعلى بسند رجاله رجال الصحيح عن أبي هريرة قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثا فاعظموا الغنيمة وأسرعوا الكرة فقال رجل يا رسول الله ما رأينا بعثا قط أسرع كرة ولا أعظم غنيمة من هذا البعث فقال ألا أخبركم بأسرع كرة منهم وأعظم غنيمة رجل توضأ فأحسن الوضوء ثم عمد إلى المسجد فصلى فيه الغداة ثم عقب بصلاة الضحوة فقد أسرع الكرة وأعظم الغنيمة، وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف من طريق عبد الله بن مزيد عن أبي هريرة قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم عليك بسجدتي الضحى هما خير لك من ناقتين دهماوين من نتاج بني بحتر، وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة قال: أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم أن أصلي الضحى فإنها صلاة الأوابين. (حديث عائشة) أخرج أبو يعلى والطبراني في الأوسط بسند حسن عن عائشة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من صلى الغداة فقعد في مقعده فلم يلغى بشيء من أمر الدنيا ويذكر الله حتى يصلي الضحى أربع ركعات خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه لا ذنب له، وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن عائشة قالت من صلى أول النهار اثنتي عشر ركعة بنى له بيت في الجنة. (مرسل محمد بن كعب) أخرج ابن أبي شيبة عن محمد بن كعب القرظي قال من قرأ في سبحة الضحى بقل هو الله أحد عشر مرات بنى له بيت في الجنة. (مرسل كعب) أخرج سعيد بن منصور عن كعب قال من صلى ركعتي الضحى في ثلاث ساعات من النهار فقرأ في الركعة الأولى بفاتحة الكتاب وقل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد وبالثانية بفاتحة الكتاب والمعوذتين يتم ركوعهما وسجودهما كتب الله له بكل شعرة في جسده حسنة، وأخرج محمد بن نصر في كتاب الصلاة عن [فراغ قدر كلمة في الأصل] قال: كان يقال صلاة الأوابين وصلاة المنيبين وصلاة التوابين فصلاة الأوابين ركعتان قبل الظهر وصلاة المنيبين والضحى وصلاة التوابين ركعتان قبل المغرب. [تنبيه]: قد علمت مما تقدم أنه لم يرد حديث بانحصار صلاة الضحى في عدد مخصوص فلا مستند بقول الفقهاء إن أكثرها اثنتا عشر ركعة كما نبه عليه الحافظ أبو الفضل بن حجر وغيره قال إسحاق بن راهويه في كتاب عدد ركعات السنة وذكر لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الضحى يوما ركعتين ويوما أربعا ويوما ستا ويوما ثمانيا توسعة على أمته، وأخرج سعيد بن منصور عن الحسن قال كان أبو سعيد الخدري من أكثر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة يجئ بالضحى فيصلى صلاة طويلة ثم ينصرف ثم يرجع فيصلى الظهر، وأخرج أحمد في الزهد عن الحسن أن أبا سعيد الخدري كان من أشد أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم توخيا للعبادة وكان يصلى عامة الضحى، وأخرج سعيد بن منصور وأبن أبي شيبة عن القاسم بن محمد قال كانت عائشة رضي الله عنها تغلق بابها ثم تطيل صلاة الضحى، وأخرج ابن أبي شيبة عن الرباب أن أبا ذر صلى الضحى فأطال وأخرج سعيد بن منصور عن طعمة بن ثابت قال سأل رجل الحسن فقال يا أبا سعيد هل كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلون الضحى قال نعم كل منهم من يصلي ركعتين ومنهم من يصلي أربعا ومنهم من يمد إلى نصف النهار، وأخرج عن إبراهيم أن رجلا سأل الأسود كم أصلي الضحى قال كم شئت. وهذا هو الذي نختاره عدم انحصارها في اثنتي عشرة، وأخرج أبو نعيم في الحلية عن عون ابن أبي شداد أن عبد الله بن غالب كان يصلي الضحى مائة ركعة، قال الحافظ أبو الفضل العراقي في شرح الترمذي لم أر عن أحد من الصحابة والتابعين أنه حصرها في اثنتي عشرة ركعة وكذا لم أره لأحد من أصحابنا وإنما ذكره الروياني فتبعه الرافعي ومن اختصر كلامه، وقال الباجي من المالكية في شرح الموطأ ليس صلاة الضحى من الصلوات المحصورة بالعدد فلا يزاد عليها ولا ينقص منها ولكنها من الرغائب التي يفعل الإنسان منها ما أمكنه. (فائدة) أخرج ابن أبي شيبة عن أم سلمة أنها كانت تصلي الضحى ثمان ركعات وهي قاعدة فقيل لها إن عائشة تصلي أربعا فقالت إن عائشة امرأة شابة - هذا الأثر يؤخذ منه أن من صلاها قاعدا ضاعف الركعات لأن صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم فمن أراد الاقتصار على ثمان وصلاها قاعدا أتى بست عشرة ركعة أو على اثنتي عشرة أتى بأربع وعشرين. (فائدة) أخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن مرجانة قال جلست وراء سعد بن مالك وهو يسبح الضحى فركع ثماني ركعات أعدهن لا يقعد فيهن حتى قعد في آخرهن فتشهد ثم سلم. (فائدة) في سنن سعيد بن منصور ومعجم الطبراني الكبير ومسند مطين وتهذيب الطبراني عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف قال أول من صلى الضحى رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقال له ذو الزوايد ولفظ الطبراني يكنى بأبي الزوايد وهذا الأثر يحتاج إلى تأويل لما تقدم من الأحاديث، وأبو الزوائد هذا لا يعرف اسمه وهو جهني وذكر الطبراني أنه الذي يقال له ذو الأصابع قال ابن حجر في الإصابة وعندي أنه غيره، قلت فإن صح ما قاله الطبراني فقد ذكر ابن دريد في الوشاح أن اسمه معاوية وذكر غيره أنه نزل فلسطين ولذي الزوائد حديث في حجة الوداع أخرجه أبو داود وقد تأولوا هذا الأثر على أنه أول من صلاها في المسجد جماعة كما تصلى التراويح وفي صحيح مسلم عن مجاهد قال دخلت المسجد أنا وعروة بن الزبير فإذا عبد الله بن عمر جالس والناس يصلون الضحى في المسجد فسألناه عن صلاتهم فقال بدعة قال القاضي عياض والنووي كلاهما في شرح مسلم مراده أن إظهارها في المسجد بدعة والاجتماع لها هو البدعة لا أن أصلي صلاة الضحى بدعة، وأخرج ابن عبد البر في التمهيد عن ابن عمر قال لقد قتل عثمان وما أحد يسبحها وما أحدث الناس شيئا أحب إلى منها.
|